أقدار

كانت اقدام جاري العزيز تحاول أن تلحق بي في شمس الصيف القاسية
كنت احمل طفلي الذي لم يتجاوز الثانية عشر من عمره اهرول ابحث عن ملاذ احاول أن أجد طبيبا داخل اروقة المستشفى العام ينقذني 0000يعيد لي كل ذكرى كل كلمة تعلمتها عن الحب عن الانسانية
ناداني جاري العزيز يا علي تمهل وجدت الطبيب000 شعرت أنني انجو وطفلي000 أن هناك بصيص من الأمل 000وقفت 00دكتور ارجوك ابني انقذه اتوسل اليك 0000يتفحص الولد قائلا سنضعه في العناية المركزة ولا نستطيع فعل شيء 00000يمكنك أن تذهب لمستشفى خاصة اكثر استعدادا هذا عنوان مستشفى جيد اعمل فيه وهذا كارت لهم
أسرعت يسابقني جاري العزيز وكأن دبيب الحياة قد أيقظنا متنبهين
حدثنا موظف الاستقبال رسوم الدخول بسيطة لابد من دفع مبلغا تحت الحساب 0000
نظرت لجاري الذي طلب من موظف الاستقبال دخول الطفل ثم الحساب 000000
أجابنا طبيب كان يمر التعليمات كده00 نخاطبه ولكننا لا نملك00 ويجيبنا فلتذهبوا لمكان تستطيعون فيه الدفع غير هنا
كأن الأرض قد تزلزلت من تحت قدمينا لا ندر ماذا نفعل000 لم تشفع توسلات جاري للموظف ولا الطبيب وأنا أغيب عن الدنيا كولدي
عدنا للمستشفى العام ثانية لم تكن حرارة الجو أشد قسوة من قلوب ماتت 0000 لم تستطع قدماي أن تحملني حينما اخبرني الطبيب البقاء لله يا أخي
جلست وفي حضني طفلي الذي اغتالته أسنة الغدر وموت الضمير 000لم اكن وحدي الذي خارت قواه000بل مدامعي ايضا لم تستطع الوقوف

كانت كلمات جاري العزيز تنبهني 0000يا علي لنخرج من هنا بسرعة كفى عذابه حيا هيا حتى لا نعذبه ميتا هنا
لم اكن استطيع حمله 0000خرجنا نلعن كل شيء ولم تكن امه اقل حالا منا حين عدنا
واساني الاخوة والزملاء والأصدقاء وبقي جاري ينظر في وجهي يحاول أن يخفي دموع تفضحه يحدثني بعد ليل قد انتصف بقرابة الثلاث ساعات بعد سكون غطى على البيت تاركا زوجته مع زوجتي
تعالى يا علي ليغفر له الله وليسكنه فسيح جناته هيا نصلي ركعتين
كلانا صلى ودعا ربه وألح أن نخرج حتى نصلي الفجر
جلسنا عند شاطئ النهر وكانت على مقربة على الكورنيش مقهى وصورة التلفاز تصل الينا
نلمح برامج دينية وعزاء 000 جذبني المنظر
وإذا بشيخ يتحدث قائلا فلنحتسبك يا محمد في الجنة ولنبشرك يا أبا محمد أن أبنك في عداد الشهداء لم استطع مقاومة الدموع
أتعجب ويرد جاري على سؤال لم اسأله شعر به داخلي 0000 يا علي يتكلمون عن محمد أبن عظيم في الكون
يقاطع كلماته مذيع يسخر منا بحكاياته حينما يروي قصة وفاته في دولة أجنبية0000لقد شعر محمد بالتعب وسافر للعلاج خارج القطر الحبيب ليلقى حتفه شهيدا على فراش الموت في مستشفى كبيرة وعمره لا يتجاوز الثانية عشر
لم أدر أن الحياة تعاود سخريتها منا0000 أصيح في جاري حتى نحن لا مكان لنا نحيا نموت بلا ثمن لأننا فقراء 0000الموت لا يرحمنا 000الجوع لا يرحمنا 0000الحياة لا ترحمنا حتى البشر لأننا لا نملك حتى أن نشعر أننا بشر
يضمني جاري العزيز وأشعر بدموعه على كتفي 000 يا علي استغفر الله ( كل نفس ذائقة الموت )0000 هم الأغنياء قد ماتوا 000 ونحن نموت ولا يبقى إلا وجه الله
أقاطعه 0000ولكنهم لا يتعذبون أبنائهم تسافر للعلاج 0000ابنائنا تموت بلا علاج بلا رحمة في قلوبهم ألسنا بشر 00ألسنا أرواح يحاسبنا المولى مثلهم ألسنا 0000000
يا علي تذكر قول رسولنا الكريم ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه)
سيحاسبون على ما فعلوا بالعباد سيحاسبون على أموالهم سيحاسبون على ما اقترفوا 0000 يا علي ( وما ربك ظلام للعبيد )
استغفرت الله ولم تهدأ نفسي إلا في صلاة الفجر ويقرأ الإمام قول الحق تبارك وتعالى ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيدا )
صدق الله العظيم

تمت بحمد الله
يونيو الحزين