ياسر أيوب يكتب: إسماعيلية ــ إسكندرية رايح جاى

الوقت الذى يحتاجه أى منا للانتقال من الإسماعيلية إلى الإسكندرية يعتمد على الطريق الذى سيختاره ووقت السفر ووسيلته.. ولكن الرياضة وإدارتها الحالية فى مصر اختصرت هذا الطريق تماما، بحيث ألغت المسافة الطويلة بين المدينتين الجميلتين فى مصر..

جعلت الكلام عنهما متشابهاً، وأحالتهما إلى مجرد دليلين على أن الذين يديرون الرياضة فى مصر لم ولن يتغيروا أبداً حتى إن تغيرت مصر كلها.. فاتحاد الكرة، على سبيل المثال، قرر بمنتهى التخبط والارتباك ألا يعدل بين الإسماعيلى والأهلى والزمالك.. الاتحاد قرر أولاً الاستعانة بحكام غرباء لمباريات هذا الأسبوع للأندية الثلاثة التى تتنافس على صدارة المسابقة لحساسية الموقف والتوتر الجماهيرى والإعلامى.. وتم نشر هذا القرار على الموقع الرسمى للاتحاد..

وبالفعل أدار حكم تونسى المباراة التى فاز فيها الزمالك على الشرطة، وأدار حكم سعودى المباراة التى فاز فيها الأهلى على بتروجيت.. لكن مسؤولى وجماهير الإسماعيلى فوجئوا بحكم مصرى لإدارة مباراتهم التى خسروها أمام الجيش.. فكان الإحساس بالغضب والقهر والظلم.. وعلى الرغم من أن فهيم عمر لم يخطئ فى شىء، ولم يظلم الإسماعيلى الذى كان فى أسوأ حالاته ويستحق الهزيمة.. فإنك لابد أن تتعاطف مع الجماهير الحزينة والموجوعة وأنت تتساءل عن السبب أو المبرر لهذه التفرقة بين ناديين كبيرين فى القاهرة وناد صغير ينافسهما فى الإسماعيلية..

ولابد أن تنتابك حالة من الغضب والضيق، خاصة حين تعلم أن هناك عشرين حكماً أفريقياً فى القاهرة الآن لحضور دورة ينظمها الاتحاد الأفريقى، وكان من الممكن دعوة أحدهم لإدارة مباراة الإسماعيلى.. وعلى الرغم من أنه لا أحد عاقل يمكن أن يقبل أو يسمح بكل هذا الشغب والتجاوزات التى ارتكبها بعض عشاق الإسماعيلى والقرار غير الحكيم أو المسؤول بالانسحاب من الدورى..

فإنه لابد من محاسبة مسؤولى اتحاد الكرة أولاً على هذا التخبط قبل محاسبة مسؤولى الإسماعيلى لو لم يتراجعوا عن قرار انسحابهم الذى لا يعرفون تداعياته المالية ولا يقدرون عليها أيضاً.. فأنا ضد أى قرار بالانسحاب من الدورى أياً كان أصحابه فى الأهلى أو الزمالك أو المصرى أو الاتحاد أو الإسماعيلى.. وضد التماس مسؤولى الإسماعيلى للقوات المسلحة بالإفراج الفورى عن المشاغبين لأنهم طلبة جامعيون تنتظرهم امتحاناتهم.. فهى نفس الدائرة التى لا نكسرها أبداً..

أما مسؤولو المجلس القومى للرياضة، فقد راحوا ــ فى مثل هذه الظروف التى تعيشها مصر حالياً ولم تعد خافية على أحد ــ يصرون على بناء قرية أوليمبية فى برج العرب تتكلف مليارى جنيه مبدئياً، من أجل مواصلة السعى لاستضافة ألعاب البحر المتوسط فى الإسكندرية.. وأنت بالتأكيد لا تعرف ما هى تلك القرية الأوليمبية وما الذى ستربحه مصر من إنفاق كل هذا المال الآن على مشروع لن يأتى بأى عائد اقتصادى أو رياضى..

وأنا واثق أن الإسكندرية فى حالتها الحالية تحتاج أشياء وخدمات وخططاً ومشروعات كثيرة ليس من بينها قرية أوليمبية.. ولا أعرف متى سيعيش مسؤولو الرياضة هذا الواقع الذى نعيشه كلنا فى شوارعنا وبيوتنا.. وإذا كان الدكتور عصام شرف، رئيس الحكومة، قد وافق على ذلك مبدئياً بشرط تعاون رجال أعمال فى تحمل بعض التكاليف.. فأنا أقول له إن الذين كانوا يدفعون فى الماضى لم يعودوا على استعداد لذلك بعد أن انتهى كل شىء.